لإمام الشافعي مع ابن الخليفة
]يحكى ان الخليفة هارون الرشيد ارسل ولده الى الامام الشافعي ليتعلم من علمه ويتادب من ادبه . فذهب الامير الى الامام الشافعي ففتح له الامام الباب وسأله : هل انت ولد هارون الرشيد ؟ أجابه الفتى أجل . فرفع الامام يده وضربه كفا على وجهه .احتار الولد وعاد ذليلا لأبيه وسرد عليه ما حدث فسأله الخليفة : هل أنت متأكد انك لم تفعل شيئا وان الامام ضربك ؟
أجاب الفتى بنعم فحمل الخليفة نفسه وانتهى الى الامام وساله قالا : هل فعل الولد شيئا . اجابه : كلا . فعاود السؤال : اذا اعلم انك ما ضربته بلا سبب واني لاعلم ان من وراء ضربك له لعبرة فجئت اعرفها. اجاب الامام : ولدك أمي وابن الخليفة ويكبر ويصبح خليفة ولقد قمت بضربه ليعرف معنى الظلم فلا يظلم لما يكبر وهذا أول درس له عندي
الشافعي ومعلمه وكيع
كان الامام الشافعي سريع الحفظ لكن حدثت معه حادثة وذلك عندما كان طالب علم جاء الى شيخه الذي يسمى " وكيع " فقال له يا شيخ لم اعد احفظ بسرعة ولم اعرف السبب
فقال له الشيخ لابد انك ارتكبت ذنبا ما فراجع نفسك فرجع الامام الى نفسه ليتذكر اي ذنب اذنبه فتذكر انه راى عن غير قصد جزء من قدم امراة مرت امامه " عقب او كعب او القدم "
ذكر لشيخه فقال له : هذه هي الغله ولا شك فانشد الامام الشافعي قائلا :
شكوت الى وكيع سوء حفظي فارشدني الى ترك المعاصي
وقال لي ان العلم نور ونور الله لا يهدى للعاصي
ذكاء الإمام الشافعي .. رحمه الله
كان هناك مجموعة من العلماء يحقدون على الإمام الشافعي
ويدبرون له المكائد عند الأمراء
فأجتمعوا وقرروا أن يجمعوا له
العديد من المسائل الفقهية المعقدة لإختبار ذكائه
فاجتمعوا ذات مرة عند الخليفة الرشيد
الذي كان معجبًا بذكاء الشافعي وعلمه بالأمور الفقهية
وبدأوا بإلقاء الأسئلة والفتاوى في حضور الرشيد
فسأل الأول
ما قولك في رجل ذبح شاة في منزله
ثم خرج في حاجة فعاد
وقال لأهله : كلوا أنتم الشاة فقد حرمت علي
فقال أهله : علينا كذلك
فكر قليلاً فأجاب الشافعي : إن هذا الرجل كان مشركاً
فذبح الشاة على اسم الأنصاب وخرج من منزله
لبعض المهمات فهداه الله إلى الإسلام وأسلم
فحرمت عليه الشاة
وعندما علم أهله أسلموا هم أيضاً
فحرمت عليهم الشاة كذلك
وسُئل : شرب مسلمان عاقلان الخمر
فلماذا يُقام الحد على أحدهما ولا يُقام على الآخر ؟
فكر قليلاً : فأجاب إن أحدَهما كان صبياً والآخرُ بالغاً
وسُئل : زنا خمسة أفراد بإمرأة
فوجب على أولِهم القتل
وثانيهم الرجم
وثالثِهم الحد
ورابعِهم نصفُ الحدِّ
وآخرهم لا شيء ؟
فكر قليلاً فأجاب : استحل الأولُ الزنا
فصار مرتدًا فوجب عليه القتل
والثاني كان محصناً
والثالثُ غيرَ محصنٍ
والرابعُ كان عبداً
والخامسُ مجنوناً
وسُئل : رجل صلى , ولما سلم عن يمينه طلقت زوجته
ولما سلم عن يساره بطلت صلاته
ولما نظر إلى السماء وجب عليه دفع ألف درهم ؟
: فكر قليلاً ثم قال الشافعي
لما سلم عن يمينه رأى زوج امرأته
التي تزوجها في غيابه
فلما رآه قد حضر طلقت منه زوجته
ولما سلم عن يساره رأى في ثوبه نجاسة فبطلت صلاته
فلما نظر إلى السماء رأى الهلال
وقد ظهر في السماء وكان عليه دين ألف درهم
يستحق سداده في أول الشهر
وسُئل : ما تقول في إمام كان يصلي مع أربعة نفر
في مسجد فدخل عليهم رجل
ولما سلم الإمام وجب على الإمام القتل
وعلى المصلين الأربعة الجلد
ووجب هدم المسجد على أساسه ؟
: فكر قليلاً فأجاب الشافعي
إن الرجل القادم كانت له زوجة
وسافر وتركها في بيت أخيه
فقتل الإمام هذا الأخ
وأدعى أن المرأة زوجة المقتول , فتزوج منها
وشهد على ذلك الأربعة المصلون
وأن المسجد كان بيتًا للمقتول
فجعله الإمام مسجدًا
وسُئل : ما تقول في رجل أخذ قدح ماء ليشرب
فشرب حلالاً وحرم عليه بقية ما في القدح ؟
فكر قليلاً فأجاب : إن الرجل شرب نصف القدح فرعف
أي نزففي الماء المتبقي
فاختلط الماء بالدم فحرم عليه ما في القدح
وسُئل : كان رجلان فوق سطح منزل
فسقط أحدُهما فمات فحرمت على الآخر زوجته ؟
: فكر قليلاً فأجاب
إن الرجل الذي سقط فمات
كان مزوجاً ابنته من عبده الذي كان معه فوق السطح
فلما مات أصبحت البنت تملك ذلك العبدَ
الذي هو زوجها فحرمت عليه
إلى هنا لم يستطع الرشيدُ الذي كان حاضرًا
تلك المساجلة أن يخفي إعجابه بذكاء الشافعي
وسرعة خاطرته وجودة فهمه وحس إدراكه
: وقال لبني عبد مناف
لقد بينت فأحسنت -
وعبرت فأفصحت -
وفسرت فأبلغت -
: فقال الشافعي
أطال الله عمر أمير المؤمنين
إني سائل هؤلاء العلماء مسألة
فإن أجابوا عليها فالحمد لله
وإلا فأرجو أمير المؤمنين أن يكف عني شرهم
فقال الرشيد لك ذلك وسلهم ما تريد يا شافعي
فقال الشافعي :مات رجلٌ وترك 600 درهم
فلم تنل أخته من هذه التركة إلا درهمًا واحدًا
فكيف كان الظرف في توزيع التركة ؟؟
فنظر العلماء بعضُهم إلى بعض طويلاً
ولم يستطع أحدهم الإجابة على السؤال
فلما طال بهم السكوت طلب الرشيد من الشافعي الإجابة
: فقال الشافعي
مات هذا الرجل
عن ابنتين -
وأم -
و زوجة -
واثني عشر أخاً -
وأختٍ واحدةٍ -
فأخذت البنتان الثلثين وهما 400 درهم
وأخذت الأم السدسَ وهو 100 درهم
وأخذت الزوجة الثمنَ وهو75 درهم
وأخذ الإثناعشر أخاً 24 درهمًا
فبقي درهم واحد للأخت
: فتبسم الرشيدُ وقال
أكثر الله في أهلي منك
وأمر له بألفي درهم
فتسلمها الشافعي ووزعها على خدم القصر