السلام عليكم
لكل الزملاء ولمن اراد الاستعانة بكتابة مقالة عن
الانسان مسير ام مخير؟
لقد بقيت الحرية في مختلف العصور موضوعاً غالباً ما تم
تداوله بصور بدائية أو علمية لكن مما لا محيص عنه أن تغيير المعنى لمفهوم
الحرية في الزمن الحاضر أصبح بين قاب قوسين نظراً للإساءات التي تمت لتحريف
مصطلح الحرية بحيث غدى معناها شيء آخر غير ذلك الأمل بالمعنى الذي كان
يتخيله الناس في أذهانهم. ولعل تعدد أوجه الحرية بحسب الادعاء الرسمي
بامتلاك ناصيتها في الكثير من التداخل لإبعاد الحرية من معناها المسؤول
فالحرية مسؤولية قبل أن تكون منحة تعطى أو حق ينتزع . فهي كلمة تقال على
الألسن بشكل كبير وفي عدة مواقف فهي حق من حقوق الإنسان والتي أمر بها
الإسلام حيث أمر بتطبيق مبدأ الحرية على الجميع في كل المجتمعات ،، فإذا لم
يتمتع أفراد احد الشعوب بالحرية لن يتقدم هذا المجتمع ولن يتطور وسوف يصبح
من المجتمعات النامية !! ومن هنا نقول هل الحرية مشكلة أم إشكالية ؟ أي
بعبارة أخرى هل الإنسان مسير أم مخير؟
ولكن وجد العلماء أنفسهم بين
مفترق طرق. فهناك من يقول أن الإنسان مسير، وأخرين
يقولون أن الإنسان
مخير
فالمعتزلة طائفة من المفكرين الذين اتخذوا العقل قياسا في تاويل
القران و الاجتهاد وفي قضية الحرية حيث يقولون ان المرء حر في افعاله وعلى
هذا الاساس يحاسبه الله وأن الله - سبحانه وتعالى عما يصفون - خلق العباد
وترك أمر أفعالهم إليهم دون تدخل منه، فالإنسان يستطيع أن يقرر ما يشاء
وليس لله قدرة على منعه. بل ووصل الأمر بهم إلى أن قالوا أن الله سبحانه لا
يعلم فعل العبد إلا بعد أن يوجد العبد الفعل ..ولكن أيدوا الرأي القائل
بأن الاختيار المطلق يرجع للإنسان في اختيار تصرفاته وأن الله لا يعلم عنها
شيئاً.ولكن أيعقل ألا يعلم الله أفعال الإنسان وهو السميع العليم؟!.. أليس
هو الآمر الناهي القادر على كل شيء؟!.. أفلا يستطيع أن يمنع الإنسان عن
عمل ما كما ادعى المعتزلة؟!..
أما بالنسبة للذين يقولون بان
الانسان مسير فهم الجبرية أو الجهمية نسبة إلى رئيسها جهم بن صفوان. وذهبت
هذه الطائفة إلى أن الإنسان مجبور بتصرفاته، وأنه مغلول اليد وأن كل ما
يحصل له هو إرادة الله سواء خير أو شر، فالله قدر على الإنسان أعمالاً لابد
أن تصدر منه.
. ولكن لو كان الأمر كذلك، فلمَ الجزاء والعقاب والجنة
والنار بما أن الإنسان مجبور؟!.. فإذاً يتساوى جميع الناس في المراتب سواء
الخير والشرير.. فهل يتمشى هذا مع عدل الله؟!.. كما أنه يبطل الثواب
والعقاب والجنة والنار.. ولم أرسل لله الرسل لهداية الناس؟!..
أما كيف
اقتنع هؤلاء بصحة مناهجهم وآرائهم وآمن بهم واتبعهم الكثير من الناس، فهذا
شيء يرجع لحكمة الله وحده أولاً، ولتزعزع إيمانهم ثانياً.
أما نحن
المسلمون فلدينا إيمان راسخ بالله تعالى. لذا فنحن نفكر ونتدبر في الأمور
قبل الإفتاء والبت فيها مما جعلنا نختلف عنهم، وولد لدينا نظرة مغايرة عن
هؤلاء وأولئك.
وذلك بحكمة خرجت من فاهٍ عطرة بذكر الله، وقلب مفعم
بالإيمان به. وهو جواب الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عندما سأله
الحسن بن علي الوشاء عن ذلك بسؤاله : (
الله فوض الأمر للعباد؟..
فقال
له الإمام : هو أعز من ذلك..
فقال الحسن : أجبرهم على المعاصي؟..
فقال
: الله أعدل وأحكم من ذلك.. ثم تلى عليه قوله تعالى : (يا ابن آدم أنا
أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني).
ومن هنا وصلنا الى نتيجة
مقنعة هي أن الإنسان مخير في أفعاله وتصرفاته، ولكن الله سبحانه وتعالى على
علم مسبق بهذا الاختيار المكتوب في لوح محفوظ إلى يوم الدين. فكل أفعال
الناس وتصرفاتهم والأحداث التي ستمر بهم في حياتهم يعرفها الله منذ نعومة
أظفارهم إلى مماتهم. كما أن الله هو الذي يسبب الحسنات للعبد، أما سيئاته
فنفسه الأمارة بالسوء هي المسببة لها.
وتلك الطوائف قد فهمتها خطأً
فنتج عن ذلك أنهم وقعوا في حبال الشرك. والمهم من هذا كله أن نعرف أنه لا
حدود لحكمة الله وعدله والذي يتنافى مع القول بأن الله يجبر الإنسان، أو
يجعله يختار طريقه دون علم منه سبحانه فهو يعلم بتصرفات الإنسان واختياره
ويكتبها عليه وذلك بمنتهى العدل والحكمة.
وارجو الاستفادة من هذه
المقالة